هكذا يُـعَـلـّمُـنـا ..... صلى الله عليه وسلم

عـن عـمـرو بـن عـنـبـسـة رضي الله عـنـه قــال :

قـال رسـول الله صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم :

(( مـا
مـنـكـم مـن رجـل يـقـرب وضـوءه فـيـتـمـضـمـض ويـسـتـنـشـق فـيـنـتـثـر
إلا خـَـرّت خـطـايـا وجـهـه وفـيـهِ وخـيـاشـيـمـه ، ثـم إذا غـسـل
وجـهـه كـمـا أمـره الله تـعـالـى إلا خـَرّت خـطـايـا وجـهـه مـن أطـراف
لـحـيـتـه مـع الـمـاء ، ثـم يـغـسـل يـديـه إلـى الـمـرفـقـيـن إلا
خـَرّت خـطـايـا يـديـه مـن أنـامـلـه مـع الـمـاء ، ثـم يـمـسـح رأسـه
إلا خـَـرّت خـطـايـا رأسـه مـن أطـراف شـعـره مـع الـمـاء ، ثـم يـغـسـل
قـدمـيـه إلـى الـكـعـبـيـن إلا خـَـرّت خـطـايـا رجـلـيـه مـن أنـامـلـه
مـع الـمـاء )) ..... صحيح مسـلـم .

هـذا الـحـديـث يـشـرح مـراحـل خـروج الـخـطـايـا مـن جـسـد الإنـسـان فـيـذكـر خـمـس مـراحـل :

الـمـرحـلـة الأولـى : الـمـضـمـضـة والاسـتـنـشـاق .

أنـت تـَـشـعـر أن الـمـضـمـضـة والاسـتـنـشـاق هـي قـاذورات تـسـقـط مـع
خـروج الأقـذار مـن الـفـم والـخـيـاشـيـم . ولـكـن رسـول الله صـلـى الله
عـلـيـه وسـلـم الـمـعـلـّم ، صَـوّرَهـا لـنـا تـصـويـرا حِـسِّـيـّـا
مـعـنـويـا بـأنـهـا خـطـايـا الإنـسـان يُـخـرجـهـا بـالـوضـوء مـن فـمـه
وأنـفـه ، فـتـتـذكـر وأنـت تـتـوضـأ خـطـايـاك فـتـرجـو الله أن
يـغـفـرهـا لـك .

الـمـرحـلـة الـثـانـيـة : غـسـل الـوجـه .

لـو لاحـظـت فـي هـذا الـحـديـث لـوجـدت عـبـارة
... كـمـا أمـره الله ... وهـذا تـقـريـر أن الـوضـوء يـجـب أن يـكـون
كـامـلا صـحـيـحـا مـسـتـوفـيًـا شـرط إسـبـاغ الـوضـوء ، فـإذا اسـتـوفـى
الـشـرط خـَـرّت خـطـايـا الـوجـه ... خـطـايـا الـعـيـن مـن الـنـظـرات
الـمـحـرمـة ، والـفـم مـن الـكـلـمـات الآثـمـة ومـا أكـثـرهـا عـنـدنـا
. كـل هـذه الـخـطـايـا الـمـسـتـكِـنـّـة تـخـرج مـن أطـراف لـحـيـتـك
وأنـت تـرجـو ذلـك مـن الله تـعـالـى .

الـمـرحـلـة الـثـالـثـة : غـسـل الـيـديـن .

تـغـسـل يـديـك إلـى الـمـرفـقـيـن بـالـمـاء لـلـوضـوء ، فـتـرى
حـقـيـقـة أنـك تـغـسـل قـاذورات عـلـقـت بـهـا ، والـذي لا تـراه ، أنـك
غـسـلـت يـديـك الـجـارحـة مـن خـطـايـا وآثـام تـصـرفـت بـهـا فـي تـصـرف
مـن تـصـرفـاتـك .

الـمـرحـلـة الـرابـعـة . مَـسْــح الـرأس .

رأسـك ومـا يـحـتـويـه مـن أفـكـار سـوء ، أو ظـن سـوء ، تـخـرج هـذه
الآثـام مـن رأسـك مـع قـطـرات الـمـاء مـن أطـراف شـعـر رأسـك وأنـت لا
تـشـعـر إلا أنـك غـسـلـت مـا عَـلـق بـه مـن عـرق أو غـبـار .

الـمـرحـلـة الـخـامـسـة : غـسـل الـقـدمـيـن .

قـدمـاك قـادتـك إلـى خـطـايـا وآثـام ، وبـوضـوئك تـخـرج هـذه
الـخـطـايـا والآثـام مـن أطـراف أنـامـل قـدمـيـك وأنـت تـظـن أنـك
غـسـلـتـهـمـا مـن أقـذار عـلـقـت بـهـمـا .





هـذا الـحـديـث يـصـوّر الـخـطـايـا وكـأنـهـا كـائـنـات تـخـرج مـن أمـاكـن مـعـيـنـة فـي جـسـم الإنـسـان .....

أرأيـت رعـاك الله جـمـال الـتـصـويـر الـتـربـوي الـجـمـيـل لـرسـول الله صـلـى الله عـلـيـه وسـلـم .

قـال الـقـاضـي عـيـاض :

الـمـراد بـخـروجـهـا مـع الـمـاء ... مـجـازًا واسـتـعـارة .... هـو غـفـرانـهـا لأنـهـا لـيـسـت أجـسـام فـتـخـرج حـقـيـقـة .

وقـال ابـن الـعـربـي :

قـولـه .... خـرجـت الـخـطـايـا .... يـعـنـي غـُـفِـرت ، لأن الـخـطـايـا
هـي أفـعـال وأعـراض .... فـكـيـف تـوصـف بـدخـول وخـروج ؟ ولـكـن
الـبـاري عـز وجـل لـمّـا أوقـف الـمـغـفـرة عـلـى الـطـهـارة الـكـامـلـة
فـي الـعـضـو ضـرب لـذلـك مـثـلا بـالـخـروج .

جزاك الله خيرا

مرورك بموضوعنا يشرفنا شكرا